||

حكم الاحتفال بفصول السنة للعلامة محمد علي فركوس

السـؤال

ما حكم الاحتفال بفصول السنة؟ وبعضُ الناس يقولون: إنّ الاحتفال بها من العادات لا من العبادات، ولسنا نتقرَّب به إلى الله سبحانه وتعالى، ولذا فهو يفارق الاحتفال بالمولد النبوي، فهل هذا صحيح؟

الـــجــواب

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:

فاعلم -وفَّقك الله لكُلِّ خيرٍ- أنَّ الفرق بين العبادة والعادة، أنَّ العبادةَ يُلْتَمَسُ مِن ورائها الأجر والثواب والتقرُّب إلى الله سبحانه وتعالى بسائر أنواع الطاعات وهي لا تصحُّ إلاَّ بما شرع الله تعالى، فكُلَّما وُجدت هذه المعاني إلاَّ وأضيفت إلى العبادة، أمَّا إذا خلت منها فهي إلى العادة أقرب، ولَمَّا كانت هذه الاحتفالات وتخصيص أيامها بالأكل والشرب والإطعام والفرحة جانست بشكلها أعياد المسلمين التي يُتوخَّى من ورائها التماس الأجر وتحقيق المودَّة والقربة والألفة والاجتماع في ذلك اليوم أكلاً وشربًا ولهوًا وما إلى ذلك مما تعرف في الأفراح، لذلك القول بأنها عادة فقط غير صحيح لملابستها لأفعال الأعياد أهل الإسلام، وأهل الإسلام ليس لهم إلاَّ عيدان عيد الأضحى وعيد الفطر، ومن جهة أخرى فإنَّ الاحتفال بالفصول هو أشبه ما يكون بالاحتفال بالنجوم الذي كانت الصابئة تحتفل بتلك المواسم على أنها مؤثِّرة فاعلة في الإيجاد والخلق، ومثل هذا الاعتقاد يُنَافي التوحيد لكونه شركًا أكبرَ، كما تعرف مثل هذه العادات إذا حملناها على كونها مجرّدةً عن العبادة عند النصارى حيث يعظِّمون الربيعَ باحتفالهم لخصوصيات ثمار الربيع كالكَرَزِ والفرولة وغيرها مما ينبت في فصل الربيع، ولا شكَّ أنَّ التشبُّه بالصابئة والنصارى ومما يشاكلهم لا يجوز، ذلك فضلاً عن جعل ما لم يشرعه الله عِيدًا معدود من التقدّم بين يدي الله ورسوله قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ﴾ [الحجرات: ١]، إذ كلّ ما كان من أعياد الجاهلية أبطله الله تعالى، وذلك لَمَّا قَدِمَ رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم المدينة وجد للأنصار يومين يلعبون فيهما ويعتبرونها أعيادًا فقال صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ»(١)، كما أنَّ مثل هذه المواسم للاحتفال لا تُعرف عند السلف الصالح، وما ذكرها أهلُ العلم في كتبهم، ولو كانت خيرًا لسبقونا إليه، وكلُّ خيرٍ في اتباع من سلف، وكلُّ شَرٍّ في ابتداع من خَلَف.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: ٩ ربيع الأول ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٧ أفريل ٢٠٠٦م

___________
فتاوى منهجية
من تطبيق فتاوى العلامة فركوس على الأندرويد