القول الأول: وضع الركبتين قبل اليدين عند الهوي إلى السجود الخلاف في كيفية الهوي إلى السجود فالمسألة فيها أقوال أشهرها قولان:الأول: مذهب أبي حنيفة و الشافعي و أحمد في إحدى الروايتين عنه، ونسبه الترمذي إلى أكثر أهل العلم: أنه يضع ركبتيه قبل يديه، وهذا احتجوا له بماذا؟ هاه؟ مداخلة: ....الشيخ: بحديث وائل بن حجر أولاً، واحتجوا له بشواهده، احتجوا له بفعل بعض الصحابة، واحتجوا له بالنظر كما أسلفت، فإنه جاء في الحديث في النهي عن مشابهة الحيوانات، وقالوا: إن من هوى بيديه قبل ركبتيه، يكون تشبه بالبعير في خروره وبروكه إلى الأرض، هذه أدلتهم، وفي الواقع أن دليلهم العقلي هذا قوي، لا أقول أنه يرجح، لكن إذا تأملت الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن مشابهة الحيوان، مشابهة الحيوان تكون بالهيئة.فالآن الذي ينظر إلى البعير وهو يبرك، أول ما يصل إلى الأرض مقدمه أم مؤخره؟ مقدمه، يعني: الذي يلي رأسه، فإذا نهى الرسول عليه الصلاة والسلام المصلي عن مشابهة هيئة البعير، كان المصلي الذي يقدم يديه أقرب شبهاً بالبعير في هيئته، لكن أقول: إنه ظاهر لمن تأمله إن شاء الله، لكن الطرف الثاني يعترضون عليه، بأن ركبة البعير في يده كما أسلفت.على كل حال هذا قول الإمام الشافعي و أبي حنيفة كما ذكرت، ورواية عن الإمام أحمد ، وقد رجحه واختاره الإمام ابن القيم في زاد المعاد و تهذيب السنن ، واختاره أيضاً من مشايخنا وعلمائنا المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز ، والشيخ محمد بن عثيمين . القول الثاني: وضع اليدين قبل الركبتين عند الهوي إلى السجود القول الثاني في المسألة: هو مذهب الإمام مالك و الأوزاعي وجماعة من أهل الحديث، بل لعله مذهب أكثر أهل الحديث، واختاره جماعة من المعاصرين، كالشيخ الألباني : أن المشروع للمصلي أن يقدم إذا هوى يديه قبل ركبتيه، ودليلهم في ذلك حديث أبي هريرة ، وشاهده حديث ابن عمر من فعله، ونقله عن النبي صلى الله عليه وسلم، واستدلوا أيضاً بالنظر، فإنهم قالوا: إن ركبة البعير في يده، هذان قولان.ويمكن أن نقول: هناك قول ثالث، وهو مذهب ابن حزم : ذهب إلى الوجوب كما أسلفت، وأولئك لم يقولوا: بالوجوب، بل يقولوا بالأفضلية.وهناك قول رابع وهو حاول أن يتوسط بين هذه الأقوال: فذهب إلى أن المنهي عنه هو مشابهة البعير، وأن الإنسان لا ينبغي له أن يهوي بسرعة بكل بدنه، بل ينبغي له أن ينزل إلى الأرض بتؤدة وسكينة، سواء قدم يديه أو قدم ركبتيه، وهذا ذكره الشيخ المقبلي من علماء اليمن ، ونقله عنه الشوكاني رحمه الله، واعترض عليه هو وغيره بأنه قول لم يسبق إليه.. أو نحواً من ذلك.كذلك النووي يمكن أن يضاف إليه كأنه في المجموع توقف عن الترجيح بين الأحاديث.فأقول: إن النظر في النصوص والأحاديث الواردة في هذه المسألة، يخرج منها الناظر بأمرين:أولاً: أن هناك قدراً متفقاً عليه ومشتركاً بين هذه الأحاديث، قدر متفق عليه وهو النهي عن مشابهة البعير: ( فلا يبرك كما يبرك البعير ) ففيه النهي عن مشابهة البعير.وهذا قدر مشترك بين حديث أبي هريرة ، وبين الأحاديث الأخرى، فهذا القدر المتفق عليه يدل على النهي عن مشابهة الحيوان، ولا شك أن مشابهة البعير قد تكون بأكثر من صورة، فالإنسان الذي يهوي ببدنه كله إلى السجود هذا يشبه البعير، وربما مثله أيضاً الإنسان الذي يهوي بيديه، ويظل جسمه مرتفعاً، يظل ظهره ومؤخرته مرتفعة عن الأرض، فهذا أيضاً يشبه البعير، ولو قال: إنه يعمل بالسنة، فالواقع أن هذا العمل فيه مشابهة للبعير في النظر، لكن لو أن الإنسان هوى إلى الأرض بتؤدة وسكينة وهدوء، ثم لما قارب الأرض قدم يديه، لا يكون في ذلك مشابهة للبعير.